تراجع معدل التضخم نجاح كبير للحكومة.. وزاد ثقة المستثمرين الأجانب

حوار| رئيس الصندوق المصري الأمريكي: «السيسي» حقق لمصر الاستقرار.. وأسس نموذجًا ناجحاً لإنقاذ دول العالم

الأستاذ خالد ميري مع رئيس الصندوق المصري الأمريكي
الأستاذ خالد ميري مع رئيس الصندوق المصري الأمريكي

·الإصلاح الاقتصادى تحقق فى وقت قصير.. وقريبًا تدفقات ضخمـة من الاستثمـارات الأجنبية

·الرئيس طلب استثمارات بالمليارات وليست بالملايين.. وسيتحقق طلبه

·قريبًا.. سلسلة جديدة من العيادات الطبية الحديثة فى محافظات مصر

·إقبال كبير من المستثمرين الجدد على مصر.. وصندوق جديد لدعم المشروعات الصغيرة العام المقبل

·الموافقة على اتفاق صندوق النقد جاءت فى توقيت بالغ الأهمية

·تجربة مصر الاقتصادية قصة نجاح يتحدث عنها العالم

·550 مليون دولار إجمالى استثمارات الصندوق بنهاية العام.. وتصل لمليار دولار خلال 5 سنوات

·150 مليون دولار استثمارات شخصية مع أصدقاء أمريكان فى أذون الخزانة خلال عام


خمسة أعوام مرت على نشأة صندوق الاستثمار المصرى الأمريكي، الذى جاء تزامنا مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى زمام الأمور فى مصر، والبدء فى حزمة شاملة، وغير مسبوقة، من الإصلاحات لترسيخ ركائز جديدة للاقتصاد المصري، بعد أن بات على شفا الانهيار. كان إعلان حكومة الولايات المتحدة عن رأس مال الصندوق الذى يبلغ 300  مليون دولار، بمثابة دعوة مباشرة ورسمية من واشنطن للمستثمرين الأمريكيين بالاستثمار فى مصر، إلا أن أحدا لم يتوقع أن يحقق الصندوق هذا النجاح،  غير المسبوق، فى هذه السنوات القليلة. وكان إصرار الرئيس السيسى وحديثه الواضح لرئيس الصندوق بضرورة أن تصل الاستثمارات الأمريكية فى مصر إلى مليارات الدولارات وأنه لن يرضى بأقل من ذلك، جعل من تجربة الصندوق فى مصر قصة نجاح تسعى الدول الكبرى لتكرارها مع الدول النامية الأخرى.

 

ولأول مرة منذ سنوات، بدأنا نشهد دخول مستثمرين أمريكيين جدد إلى السوق المصرية، رغبة منهم فى المشاركة فى قصة النجاح المصرية. الإصلاحات التى حققتها مصر على كافة المستويات السياسية والاقتصادية، فاقت كل التوقعات وجعلت من التجربة المصرية نموذجاً فريداً تسعى الدول الأخرى إلى تكراره، وأصبح الصندوق جزءا من حكاية نجاح يقدمها الفراعنة إلى العالم.

 

كان لقاؤنا مع جيمس هارمون، رئيس الصندوق المصرى الأمريكى، شاملا ويحمل العديد من المفاجآت والبشاير. لم يستطع جيمس الذى التقينا به قبل ساعات من لقائه الرئيس السيسي، فى مقر اقامته فى نيويورك، أن يخفى إعجابه الشديد بالسيسى وما حققه على أرض مصر فى مدة زمنية لا تساوى شيئا فى أعمار الأمم.

 

كشف الرجل خلال لقائنا، الذى امتد لأكثر من سبعين دقيقة، عن بشائر كثيرة للمصريين وللاقتصاد بشكل عام. كان الحديث عن التجربة المصرية ومستقبل الاقتصاد ونظرة المستثمرين الأمريكيين إلى مصر هو محور اللقاء. وعبر الرجل عن أمنيته أن يجلس مع الرئيس مدة كافية ليخبره عن حجم التحول الإيجابى فى نظرة المؤسسات الأمريكية إلى مصر، ومدى تفاؤله بقطاع الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات المقبلة.  وإلى نص الحوار...

 

< بداية، كيف ترى الاقتصاد المصرى خلال الفترة القادمة؟ وما هى نظرة المستثمرين الأمريكيين للإصلاحات التى تمت خلال الخمس سنوات الماضية؟

 

 بدأت زيارة  مصر ومتابعة الاقتصاد المحلى بشكل مكثف منذ سبع سنوات، وتحديدا منذ توليت رئاسة الصندوق المصرى الأمريكي. وكانت نقطة التحول الكبرى، من وجهة نظري، هى موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسى على اتفاق صندوق النقد الدولي، الذى جاء فى توقيت بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل الاقتصاد المصري. وأرى أن هذا القرار كان من أهم القرارات التى اتخذها الرئيس السيسى خلال الفترة الماضية. الأمر الذى ساهم، بشكل كبير، فى خلق استقرار فى المناخ الاقتصادى لمصر، وهو ما شجع المستثمرين الأجانب، بشكل عام، والأمريكيين، بشكل خاص، على ضخ مزيد من الاستثمارات فى قطاعات مختلفة فى السوق المصرية.

 

بالطبع، كان الاستقرار الاقتصادى خلفا للاستقرار السياسى الذى شهدته، ومازالت تشهده، مصر خلال السنوات الماضية تحت قيادة الرئيس السيسي، لأنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار اقتصادى دون وجود استقرار سياسي. وأقول إنه إذا لم يكن هناك استقرار سياسى فى مصر، لم يكن هناك أى أمل فى استثمارات أجنبية. فى عام 2017 أصبحت التجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى بمثابة قصة نجاح للعديد من دول العالم، خاصة فى ظل الإنجازات الضخمة التى تحققت على المستوى الاقتصادى بفضل حزمة الإصلاحات التى تبنتها الحكومة فى إطار اتفاق صندوق النقد الدولى والذى تم فى توقيت جيد.

 

 عندما أتحدث إلى المستثمرين الأمريكيين أقول لهم إن مصر تمثل قصة نجاح قومية، وهذا ساهم فى تشجيع كثير من المؤسسات الاستثمارية فى الولايات المتحدة على الاستثمار فى مصر، خاصة فى أذون الخزانة والأوراق المالية. أهم ما حدث خلال الفترة الماضية، فيما يتعلق بالاستثمارات الأمريكية فى مصر، هو دخول عدد كبير من المستثمرين الأمريكيين الجدد الذين لم يسبق لهم التعامل فى السوق المصرية من قبل. وكانت أهم القطاعات الجاذبة لهذه الفئة هو الاستثمار فى أذون الخزانة، وهو ما يعكس مدى ثقة المستثمرين الأمريكيين فى مستقبل الاقتصاد المصرى الذى يرتبط بالدرجة الأولى بالاستقرار السياسى الذى تنعم به مصر حاليا. ولهذا السبب قمنا بإنشاء صندوق منفصل يختص فقط بتهيئة الفرص للمستثمرين الجدد لشراء أذون الخزانة المصرية. ولقد قمت بذلك بصفتى رجل مال، وعملت على جلب المستثمرين الذين لم يسبق لهم الاستثمار فى مصر بهدف توسيع دائرة المستثمرين الأمريكيين فى الاقتصاد المصري.

 

<  ما هو حجم الاستثمارات الحالية والمتوقعة فى أذون الخزانة المصرية؟

بلغت استثمارات هذه الشريحة فى أذون الخزانة حوالى 150 مليون دولار خلال أقل من عام، بدءا من نوفمبر 2017  حتى الآن، بما فى ذلك بعض الاستثمارات الشخصية التى قمت بها من مالى الخاص فى هذا القطاع وهو ما شجع مستثمرين آخرين على الانضمام إلينا وضخ أموال أكثر فى السوق المصرية.

 

هذا المبلغ منفصل تماما عن رأس مال الصندوق المصرى الأمريكى الذى أعلنته الحكومة الأمريكية وهو 300  مليون دولار.  عندما سئلت من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون لمشاركة الصندوق المصرى الأمريكى لمساعدة القطاع الخاص المصري، لم أكن أتوقع أننى سأنشىء صناديق أخري، كصندوق أذون الخزانة. كما أننا نعمل حاليا على إنشاء صندوق استثمارى جديد سيختص بتشجيع القطاع الخاص الأمريكى للاستثمار فى المشروعات الخاصة فى مصر، وسوف ننتهى من إجراءات إنشائه خلال شهور وسوف نعلن عنه العام المقبل.

 

زيادة الاستثمارات

<  ما هو الحجم الإجمالى لاستثمارات الصندوق فى مصر حاليا؟

حتى الأن، بلغت استثمارات الصندوق فى مصر حوالى 158 مليون دولار، وبحلول ديسمبر المقبل سيصل إجمالى الاستثمارات إلي200  مليون دولار. ولقد قمنا بالفعل بالتوقيع على اتفاقيات مع مستثمرين أمريكيين للوصول إلى هذا المبلغ بنهاية العام الجاري. هذا بالإضافة إلى 200 مليون دولار استثمارات أخري، خارج الصندوق،  تمت فى القطاع الخاص المصري، بعضها تم تنفيذه فى شركات مثل «فوري» وثروة». وبالتالى سيصل إجمالى الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة للصندوق حوالى 400 مليون دولار بحلول ديسمبر المقبل، فضلا عن الـ 150 مليون دولار الاستثمارات فى أذون الخزانة التى تتم فى إطار الصندوق الجديد الذى تم إنشاؤه للمستثمرين الجدد لهذا الغرض.

 

 أود أن أضيف أيضا أن فكرة طرح بعض الشركات، مثل ثروة، فى البورصة سيشجع الصندوق على زيادة استثماراته فى هذه الشركات، أو بمعنى أوضح، سنقوم بإعادة استثمار عوائد الصندوق فى تلك الشركات.

 

< هل يقلقك معدل التضخم فى مصر؟

بالعكس، التضخم فى مصر ينخفض بشكل متسارع خلال فترة قصيرة. وهذا النجاح يحسب للحكومة وحزمة الإصلاحات التى اتخذتها لمعالجة التضخم فى إطار منظومة شاملة لإصلاح الاقتصاد المصري. فإذا نظرت إلى معدل التضخم خلال العامين الماضيين، ستجد أنه انخفض من أكثر من 30 بالمائة إلى حوالى 13 بالمائة، وهذا انجاز كبير وحقيقى يحسب للسياسات المالية الجيدة للحكومة.

 

 على الجانب الآخر، علينا أن ندرك أنه لا يمكن معالجة مشكلة التضخم بين ليلة وضحاها، خاصة إذا كان وصل إلى مستويات قياسية كما كان الأمر فى مصر قبل سنتين. وأرى أن الحكومة تسعى لتخفيضه إلى حوالى ٨٪ وهذا تحد كبير ويحتاج لجهود مكثفة، لأن تخفيض التضخم فى المراحل الأولى أسهل من تخفيضه الوقت الحالي، لأن ذلك سوف يتطلب إجراءات إضافية واستخدام أدوات مختلفة. وأقول أننى تشجعت بحجم التراجع الذى تحقق فى هذا الشأن على مدى العامين الماضيين. أعتقد أن الإصلاح فى مصر حدث بمعدل سريع وهو ما ساهم فى تشجيع المستثمرين الأجانب.

 

< كيف كان لقاؤك السابق مع الرئيس السيسي؟

  أثناء العشاء الذى تناولته مع الرئيس السيسى العام الماضي، فاجأنى الرئيس بقوله إنه يريد استثمارات أمريكية بمليارات الدولارات فى مصر، وليس ملايين. وعندما التقيه هذه المرة سأقول له الان، بفضل النجاح الذى حققناه والصناديق الأخرى التى تم إنشاؤها، فى طريقنا إلى الوصول إلى حجم استثمارات إجمالية بمبلغ مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة. وفى خلال الثلاثة شهور المتبقية من هذا العام ستبلغ اجمالى استثمارات الصندوق أكثر من نصف مليار دولار.

 

هدف مشترك

< هل هناك هدف مشترك للمشروعات التى ينفذها الصندوق فى مصر؟

أشكرك على هذا السؤال. كل ما نهدف إليه هو زيادة عدد المستفيدين من المشروعات التى نقوم بها على أرض مصر، ولا نسع أبدا إلى السيطرة أو الهيمنة على أى من تلك المشروعات. هدفنا هو أن تكون هذه المشروعات للعامة ويستفيد منها قطاع أكبر من المصريين وتعميم فوائدها.

 

  وأود أن أؤكد على أمر مهم، وهو أن الصناديق التى ننشئها لها هدف واضح وهو مساعدة القطاع الخاص المصرى على النمو، ومساعدة المواطنين المصريين على إيجاد فرص عمل بشكل أفضل. ولم يكن أبدا هدفنا الاستثمار من أجل تحقيق مكاسب. فى بعض الأحيان قد يحصل البعض على الحظ فى هذه الحياه. ولقد كنا محظوظين بالاستثمار فى مصر وهذا وفر لنا عوائد جيدة جدا. وبلغت نسبة أرباحنا السنوية فى بداية العام الحالى 16.4٪ بالمائة، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالى 20٪ بنهاية ديسمبر المقبل. ولاحظنا خلال السنوات المقبلة أن معدل العائد على استثماراتنا فى مصر يتزايد عاما بعد عام.

 

وقد خلقت هذه المعدلات المرتفعة مناخا إيجابيا بين المستثمرين الأمريكيين وشجعت العديد منهم على الالتحاق بنا والاستثمار فى السوق المصرية، والأهم من ذلك أن كثيراً من هؤلاء المستثمرين لم يسبق لهم الاستثمار فى مصر من قبل. وقد أعطى ذلك بشائر وإشارات إيجابية عن الاقتصاد المصرى للمستثمرين الأجانب بشكل عام وللقطاع الخاص الأمريكى بشكل خاص. ولقد سعدت بالاتصالات التى تلقيتها من العديد من مؤسسات الاستثمار الأمريكية، خلال القترة الماضية، للاستفسار عن الاستثمار فى مصر، والقطاعات ذات الاهتمام. وكثير من هذه المؤسسات بدأ بالفعل فى ضخ مبالغ كبيرة فى السوق المصرية فى قطاعات مختلفة.

 

البعد الاجتماعى

< ذكرتم أن استثمارات الصندوق لا تركز بالأساس على الربح، هل يعنى ذلك أن البعد الاجتماعى يحتل الأولوية عند تحديد المشروعات التى تمولونها؟

هذا صحيح. وأعتقد أن هذا هو أهم جانب فى استثماراتنا فى مصر. وأود أن أقول أن هناك ركيزتين تقوم عليهما استثمارات الصندوق فى مصر، الركيزة الاولى هى النجاح الاقتصادى الذى حققته استثمارات الصندوق والذى يعد جزءا من نجاح الاقتصاد المصرى بشكل عام، وهذا الجانب معروف لدى الجميع.

 

أما الركيزة الثانية، وهى الأهم من وجهة نظرى، هى البعد الاجتماعى فى جميع مشروعاتنا فى مصر. لقد ساهمنا فى توفير ألاف فرص العمل للمواطنين المصريين، كما أننا حققنا ما يسمى بالنمو الشمولي، والذى يقوم على توزيع عوائد ومزايا النمو على شرائح أكبر من المجتمع، وذلك من خلال التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى أماكن جغرافية مختلفة.

 

 على سبيل المثال، مشروع الدفع الإليكترونى «فوري» ساهم فى خلق العديد من فرص العمل لشرائح مختلفة من المواطنين المصريين فى مناطق مختلفة فى محافظات مصر. أيضا، نحن نعمل حاليا على الاستثمار فى قطاع التعليم فى مصر، وسنقوم بتمويل إنشاء مدارس جديدة، للمساهمة فى تحسين جودة التعليم وتوسيع قاعدة المدارس فى مصر، وسوف نعلن عن استثماراتنا فى هذا القطاع قريبا.

 

< ما أهم القطاعات التى يستثمر فيها الصندوق فى مصر؟

تتركز مشروعاتنا واستثماراتنا فى مصر فى ثلاثة قطاعات: التعليم، الصحة، والزراعة. ولقد قمنا بالفعل بضخ استثمارات فى قطاع الصحة فى شركة «أوركيديا»، وسنعلن عن استثماراتنا الجديدة فى القطاعين الأخريين قريبا.

 

مسح طبى

< كما تعلم فإن مصر ستقوم الشهر المقبل بأكبر مسح طبى على مستوى العالم لخمسين مليون مواطن فى أمراض التهاب الكبد الوبائى والسكر، كيف يمكن أن يساعدكم ذلك فى الاستثمار فى قطاع الصحة؟

بالطبع هذا الأمر سيشجع مزيداً من المستثمرين على الاستثمار فى قطاع الصحة فى مصر، لأنه يخلق قاعدة ومنطقة جذب جديدة للمستثمرين الأمريكيين المهتمين بقطاع الصحة. ولقد قمنا بالفعل بالاستثمار فى سلسلة عيادات طبية جديدة فى مصر لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين بشكل أفضل وأكثر احترافية، حيث أنها ستتضمن تقارير طبية شاملة عن حالة المرضى الذين يتوافدون على تلك العيادات، وعند تعميم هذه التجربة يمكن استخدام هذه التقارير فى تقديم إحصاءات دقيقة عن المرضى فى مصر.

 

< هل بدأت هذه العيادات فى تقديم الخدمات بالفعل أم أنها فى طور الإنشاء؟ وكم عدد العيادات الموجودة حاليا؟

نعم هذه العيادات بدأت فى العمل بالفعل لكن لم يتم الإعلان عنها حتى الأن. لقد بدأنا بأربعة عيادات فى مناطق مختلفة، كمرحلة أولي، ونعمل على زيادتهم إلى 50 عيادة فى أقرب وقت. وقد اتخذنا عدة قرارات بالفعل لزيادة حجم التمويل المخصص لقطاع الصحة فى مصر وسيتم انفاقه فى قنوات مختلفة أهمها التوسع فى سلسلة العيادات الطبية الحديثة فى مناطق جغرافية مختلفة.

 

< ما حجم الاستثمارات التى تم تخصيصها لقطاع الصحة؟

لقد استثمرنا فى شركة «أوركيديا» 30  مليون دولار. وفيما يتعلق بالاستثمار فى سلسلة العيادات الطبية، أود أن أوضح أن هذا المشروع بمثابة مرحلة أولي، والمبالغ المخصصة له حتى الأن ضعيفة نسبيا، مقارنة بالقطاعات الأخرى، ولكننا ملتزمون بتقديم الدعم والتمويل اللازم لتعميمه فى مناطق مختلفة بمصر، لأننا نعتبره ضمن المشروعات التى تنمو بشكل سريع، وسنقوم بزيادة حجم التمويل المخصص له كلما حقق المشروع نجاحا.

 

< ما الذى سوف تناقشه مع الرئيس السيسى عندما تلتقى معه اليوم؟

أولا أود أن أقول إنه كان ناجحا جدا فى الجهود التى قام بها لعودة الاستقرار السياسى والاقتصادى إلى مصر. لقد قام بما كان يجب أن يقوم به لتهيئة المناخ الاقتصادى للمستثمرين الأجانب. لحسن الحظ أنه وافق على اتفاق صندوق النقد الدولي. بالمقارنة لمصر، نجد أن هناك دولا نامية أخرى تعانى من صعوبات فى تحقيق النمو وعودة الاستقرار إليها مثل تركيا والأرجنتين واندونيسيا. بالنسبة لتلك الدول، أصبح الأمر غير سهل، حاليا، لمعالجة مشاكلها الاقتصادية المشابهة للمشاكل التى مرت بها مصر واستطاعت ان تتخطاها. نشكر الله أن الرئيس السيسى كان حكيما بالقدر الكافى لاتخاذ قرار الإصلاح الاقتصادى والبدء فى تنفيذه دون إرجاء أو تعطيل. هذه القرارات أعطت مصر مزيدا من الاستقرار كانت فى حاجة إليه لعودة الاستثمار الأجنبي.

 

رسائل الرئيس

< هل هناك رسائل ستوجهها للرئيس خلال اللقاء؟

أول رسالة سأقولها للرئيس عندما التقى به هى «أبق على المسار» ولا تتراجع عما بدأته، وسوف ترى استثمارات أجنبية ضخمة تدخل مصر خلال الفترة المقبلة. أيضا سأقول له إن مصر ليست الآن بحاجة إلى التسرع فى زيادة أسعار الفائدة للحفاظ على العملة المحلية. ربما كان ذلك ضروريا خلال الفترة الماضية عند بداية الإصلاح، ولكننا الأن نشهد اقتصادا أكثر قوة وحالة سياسية أكثر استقرارا.

 

فمصر الآن فى وضع أقوى بكثير من دول كتركيا التى تمر بأزمة اقتصادية طاحنة وتسعى جاهدة للحفاظ على عملتها من الانهيار. كما أن مصر فى المرحلة الأولى لجذب الاستثمارات، بمعنى أن حجم التدفقات الأجنبية من الاستثمارات المتوقعة كبير جدا. ولقد رأينا بالفعل حجم التغير الذى يشهده قطاع السياحة والزيادة الكبيرة فى عدد السياح الذين يزورون مصر بفضل الاستقرار الذى باتت تنعم به.

 

على الجانب الآخر، سأبلغه بأن عدداً كبيراً من مؤسسات الاستثمار فى الولايات المتحدة، التى لم تستثمر أبدا فى مصر، بدأت تتوجه إلينا وتبدى رغبتها فى الدخول إلى السوق المصرية والالتحاق بركب المستثمرين الأجانب فى هذا البلد.

 

وبالطبع هذا يعكس قوة الاقتصاد المصرى وقدرته على تخطى التحديات التى تواجهه مهما كانت حجمها. وسأؤكد له أننا سوف نجلب مزيدا من الاستثمارات الأمريكية إلى مصر خلال السنوات المقبلة، وأن أهم ما يميز رؤوس الأموال والاستثمارات التى يضخها الصندوق فى مصر أنها سهلة وطويلة الأجل، بمعنى أن هذه الاستثمارات تستمر لسنوات طويلة، وتتحول بعد ذلك إلى شركات عامة بحيث يمكن طرحها فى البورصة لكافة المصريين. هذا سيساعد بشكل كبير جدا فى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب على مستوى العالم فى مستقبل الاقتصاد المصرى وهو ما سيمثل دفعة جديدة ستشهدها مصر قريبا.

 

< هل هناك شيء آخر تود أن تبحثه مع الرئيس السيسى؟

 كما تعلم لقاءات الرئيس السيسى مع المسؤولين تكون محددة بوقت، وأتمنى لو يتسع الوقت المخصص لى فى لقائه به. لكننى سأخبره بأن أحدث تقرير صادر من واشنطن الشهر الماضى حول تجربة صندوق الاستثمار المصرى الأمريكى يشير إلى أن الحكومة الأمريكية تنظر إلى النجاح الذى حققه الصندوق فى مصر باعتباره نموذجاً وقصة نجاح يجب تكرارها فى دول أخري. وأعنى أن الولايات المتحدد ستكرر تجربة الصندوق فى بعض الدول التى تعانى من مشكلات اقتصادية مشابهة لحالة مصر قبل تطبيق الإصلاحات الاقتصادية.

 

وإذا أتيح لى مزيد من الوقت مع الرئيس سأقول له إن نجاح التجربة المصرية بمثابة سابقة فى العالم، وهذا النجاح أضاء الطريق للعديد من الدول الأخرى التى تمر بأزمات بأن تحذو حذو مصر وتتقفى آثار خطواتها فى الملف الاقتصادي. ولعل هذا مع شجع الولايات المتحدة على التفكير فى تكرار تجربة صندوق الاستثمار المصرى الأمريكي، فى بعض الدول مثل الأردن، أفغانستان، الأرجنتين، وربما فى دولة مثل كوريا الشمالية إذا تم التوصل إلى اتفاقية سلام مع واشنطن. وربما يمكننا القول إن قرارات السيسى فيما يتعلق بالملف الاقتصادى وضعت الأسس والمعايير للدول الأخرى وللحفاظ على العالم.

 

وأعتقد أنه لم يخبر أحدا الرئيس السيسى بهذا لكن الواقع يقول إن السيسى وضع بالفعل نموذجاً للعالم كله ولن يتم فقط تكرار تجربة الصندوق من قبل الولايات المتحدة ولكن أيضا دولة مثل الصين تسعى لتكراره فى بعض الدول النامية.

 

تحديات ومخاطر

< سمعنا أن هناك توجهاً عالمياً لتأسيس نوع جديد من صناديق الاستثمار، ما الفرق بين هذا النوع والصندوق المصرى الأمريكي؟

خلال السنوات القليلة الماضية، كان هناك اتجاه عام للتوسع فى صناديق التأثير والتى لا تركز فقط على الاستثمار فى الدول الأخرى ولكن أيضا تقديم الخدمات بجودة عالية ومراعاة الجوانب الاجتماعية لمواطنى الدول التى تقوم بإقامة مشروعاتها فيها. وقد تم إنشاء بعض هذه الصناديق من قبل كبرى شركات التكنولوجيا فى الولايات المتحدة مثل مايكروسوفت وجوجل وأبل.

 

هذه الشركات ترى أن الصندوق المصرى الأمريكى يعد من صناديق التأثير ولذلك أعلنوا عن استعدادهم لدعم الحكومة الأمريكية لتكرار هذا النموذج فى دول أخري، بحيث يتم التركيز بشكل أكبر على ما تقدمه هذه الصناديق للمواطنين أكثر من التركيز على جانب الربح. ولقد تحدثت مع هذه الشركات، وأتوقع خلال السنوات المقبلة أن يكون هناك عدد كبير من الصناديق الخاصة التى تتعاون مع الحكومة الأمريكية وحكومات أخرى فى إطار من الشراكة، لتكرار النموذج المصري. كما أن هذه الشركات تحدثت أيضا عن الاستثمار فى الصندوق الجديد فى مصر الذى سنعلن عنه العام المقبل.

 

لكن يجب أن أقول إن الاستثمارات فى الصناديق التى ستوجه إلى الدول الأخرى ستواجه تحديات ومخاطر أكثر من تلك التى واجهها الصندوق المصرى الأمريكى عند بداية تدشينه وذلك لأن هذه الدول لا تتمتع بحجم الاستقرار الذى تتمتع به مصر حاليا.

 

فرص عمل

< ماذا يمكن أن تقدمه هذه الصناديق للعالم؟

إذا تمكنا من إنشاء هذه الصناديق وتم تعميمها فى كثير من الدول يمكننا معالجة مشكلات عالمية مثل الهجرة سواء فى أوروبا أو بالنسبة للولايات المتحدة، لأن هذه الصناديق ستعمل على توفير فرص العمل وتقديم الخدمات للمواطنين فى الدول التى تعانى من مشكلات اقتصادية مثل بعض الدول فى أمريكا اللاتينية. واتوقع أن تنتشر هذه الصناديق فى دول مثل سوريا وفلسطين إذا تم إنهاء الصراع فى الأولى والتوصل إلى تسوية سياسية بالنسبة للثانية.

 

أحك لنا عن تجربة فى زيارة مصر

لقد زرت مصر خمس مرات. وتعجبت من نظرة الشك والقلق التى لمستها من بعض المصريين الذين تحدثت إليهم. وأتذكر أنه فى إحدى المرات التى قمت فيها بالمشاركة فى أحد برامج «التوك شو» على إحدى القنوات التليفزيونية، شعرت أن هناك إحساساً بأننى جاسوس أو عميل للرئيس باراك أوباما. واندهشت من سيطرة نظرية المؤامرة على عقول العديد من المصريين عند التعامل مع الأمريكيين. كما أن معظم العاملين فى الصندوق سواء فى مصر أو أمريكا من المصريين وكان ذلك أحد أسباب نجاح الصندوق.